كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


6500 - ‏(‏كان أبغض الخلق‏)‏ أي أبغض أعمال الخلق ‏(‏إليه الكذب‏)‏ لكثرة ضرره وجموم ما يترتب عليه من المفاسد والفتن وكان لا يقول في الرضى والغضب إلا الحق كما رواه أبو داود عن ابن عمر ولهذا كان يزجر أصحابه وأهل بيته عنه ويهجر على الكلمة من الكذب المدة الطويلة وذلك لأنه قد يبنى عليه أموراً ربما ضرت ببعض الناس وفي كلام الحكماء إذا كذب السفير بطل التدبير ولهذا لما علم الكفار أنه أبغض الأشياء إليه نسبوه إليه فكذبوه بما جاءهم به من عند اللّه ليغيظوه بذلك لأنه يوقف الناس عن قبول ما جاء به من الهدى ويذهب فائدة الوحي وروي أن حذيفة قال‏:‏ يا رسول اللّه ما أشد ما لقيت من قومك قال‏:‏ خرجت يوماً لأدعوهم إلى اللّه فما لقيني أحد منهم إلا وكذبني‏.‏

- ‏(‏هب عن عائشة‏)‏ رمز المصنف لحسنه وقضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه وهو باطل فإنه خرجه من حديث إسحاق بن إبراهيم الديري عن ‏[‏ص 82‏]‏ عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة وعن محمد بن أبي بكر عن أيوب عن إبراهيم بن ميسرة عن عائشة ثم عقبه بما نصه قال البخاري‏:‏ هو مرسل يعني بين إبراهيم بن ميسرة وعائشة ولا يصح حديث ابن أبي مليكة قال البخاري‏:‏ ما أعجب حديث معمر عن غير الزهري فإنه لا يكاد يوجد فيه حديث صحيح اهـ‏.‏ فأفاد بذلك أن فيه ضعفاً أو انقطاعاً فاقتطاع المصنف لذلك من كلامه وحذفه من سوء التصرف وإسحاق الديري يستبعد لقيه لعبد الرزاق كما أشار إليه ابن عدي وأورده الذهبي في الضعفاء‏.‏

6501 - ‏(‏كان أحب الألوان إليه‏)‏ من الثياب وغيرها ‏(‏الخضرة‏)‏ لأنها من ثياب الجنة فالخضرة أفضل الألوان ولهذا كانت السماء خضراء وما نرى نحن من الزرقة إنما هو لون البعد وفي الخبر إن النظر إلى الخضرة والماء الجاري يقوي البصر فلخصاصته بهذه المزية كان أحب الألوان إليه قال ابن بطال‏:‏ وكفى به شرفاً موجباً للمحبة‏.‏

- ‏(‏طس وابن السني وأبو نعيم في الطب‏)‏ النبوي ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه عنه أيضاً البزار‏.‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ إسناده ضعيف لكن له شواهد منها ما خرجه ابن عدي في البيهقي عن قتادة قال‏:‏ خرجنا مع أنس إلى الأرض فقيل‏:‏ ما أحسن هذه الخضرة فقال أنس‏:‏ كنا نتحدث أن أحب الألوان إلى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم الخضرة‏.‏

6502 - ‏(‏كان أحب التمر إليه العجوة‏)‏ قيل عجوة المدينة وقيل مطلقاً وهي أجود التمر وألينه وألذه هناك ولها منافع كثيرة مرّ بيان بعضها‏.‏

- ‏(‏أبو نعيم‏)‏ في الطب ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ورواه عنه أيضاً ‏(‏ه‏)‏ أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ وابن ماجه باللفظ المزبور قال الزين العراقي‏:‏ فإسناده ضعيف‏.‏

6499 - ‏(‏كان وجهه مثل‏)‏ كل من ‏(‏الشمس والقمر‏)‏ أي الشمس في الإضاءة والقمر في الحسن والملاحة أو الواو بمعنى بل إذ الشمس تمنع استيفاء الحظ من رؤيتها فاللائق القمر وما في الوفاء من أنه لم يقم مع شمس إلا غلب ضوؤه ضوء الشمس لا ينافي التشبيه بالشمس لأنه إن سلم عدم المبالغة أو المسامحة في الغلبة فذلك حين كانت الشمس في السماء الرابعة لا مطلقاً على أنه يكفي أنها أعرف وأشهر ولا دعوى المماثلة العرفية لأن القدر الغير الفاحش لا يضر عرفاً ‏(‏وكان مستديراً‏)‏ مؤكد لعدم المشابهة التامة والمماثلة أي هو أضوأ وأحسن لاستدارته دونه فكيف يشبهه أي يماثله أو مؤكد لمشابهتهما وقيل التشبيه بالنيرين إنما يتبادر منه الضوء والملاحة فبين الاستدارة ليكون التشبيه فيها أيضاً‏.‏

- ‏(‏م عن جابر بن سمرة‏)‏‏.‏

6503 - ‏(‏كان أحب الثياب إليه‏)‏ من جهة اللبس ‏(‏القميص‏)‏ أي كانت نفسه تميل إلى لبسه أكثر من غيره من نحو رداء أو إزار لأنه أستر منهما وأيسر لاحتياجهما إلى حل وعقد بخلافه فهو أحبها إليه لبساً والحبرة أحبها إليه رداء فلا تدافع بين حديثيهما أو ذاك أحب المخيط وذا أحب غيره ويلوح من ذلك أن لبسه له أكثر وكان لا يختلج في ذهني خلافه حتى رأيت الحافظ العراقي قال في حديث إلباس المصطفى صلى اللّه عليه وسلم قميصه لابن أبيّ لما مات ما نصه‏:‏ وفيه لبسه عليه الصلاة والسلام للقميص وإن كان الأغلب من عادته وعادة سائر العرب لبس الإزار والرداء اهـ‏.‏ ولم أقف له على سلف في جزمه بهذه الأغلبية بالنسبة لخصوص المصطفى صلى اللّه عليه وآله وسلم وفوق كل ذي علم عليم ولا يلزم من كون ذلك أغلب للعرب كونه أغلب له لأن أحواله وشؤونه كانت منوطة بما يؤمر به وبما كان دأب آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين فيما لم يوح إليه بشيء لا بشعار العرب وزيهم على أن أغلبية لبس الإزار والرداء لا ينافي أغلبية لبس القميص ولا مانع من لبس الثلاثة غالباً معاً فتدبر‏.‏

- ‏(‏د ت‏)‏ في اللباس ‏(‏ك‏)‏ كلهم ‏(‏عن أم سلمة‏)‏ ورواه عنها أيضاً النسائي في الزينة، قال الصدر المناوي‏:‏ وفيه أبو ثميلة يحيى بن واضح أدخله البخاري في الضعفاء ‏[‏ص 83‏]‏ لكن وثقه ابن معين‏.‏

6504 - ‏(‏كان أحب الثياب إليه‏)‏ أن يلبسها هذا لفظ رواية الشيخين ‏(‏الحبرة‏)‏ كعنبة برد يماني ذو ألوان من التحبير وهو التزيين والتحسين قال الطيبي‏:‏ والحبرة خبر كان وأن يلبسها متعلق أحب أي كان بأحب الثياب إليه لأجل اللبس الحبرة لاحتمالها الوسخ أو للينها وحسن انسجام نسجها وإحكام صنعتها وموافقتها لبدنه الشريف فإنه كان بالغ النهاية في النعومة واللين فالخشن يضره ودعوى أنه إنما أحبها لكونها خضراء وثياب أهل الجنة خضر يردها ما جاء في رواية أنها حمراء قال في المطامح‏:‏ وهذا على ما فهم أنس من حاله ولعل البياض كان أحب إليه وذكر في غير ما حديث أنه خير الثياب وقال البغدادي‏:‏ كانت أحب الثياب إليه لكنه لم يكثر من لبس المخطط وقد يحب الشيء ويندب إليه ولا يستعمله لخاصية في غيره كقوله أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وما روي قط أنه أخذ نفسه بذلك بل قالت عائشة‏:‏ كان يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم مع القطع بأنه سيد أولي العزم وقال بعضهم‏:‏ هذا الحديث يعارضه ما ورد أنه صلى بثوب أحمر فخلعه وأعطاه لغيره وقال‏:‏ أخشى أن أنظر إليه فيفتنني عن صلاتي وأجيب بأن أقبية الحبرة خاصة بغير الصلاة جمعاً بين الحديثين‏.‏

- ‏(‏ق‏)‏ في اللباس ‏(‏د ن عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

6505 - ‏(‏كان أحب الدين‏)‏ بالكسر يعني التعبد ‏(‏إليه ما دام عليه صاحبه‏)‏ وإن قل ذلك العمل المداوم عليه يعني ما واظب عليه مواظبة عرفية وإلا فحقيقة الدوام شمول جميع الأزمنة وذلك غير مقدور وإنما كان أحب إليه لأن المداوم يدوم له الإمداد والإسعاد من حضرة الوهاب الجواد وتارك العمل بعد الشروع كالمعرض بعد الوصول والهاجر بعد ما منحه من الفضل والبدل وبدوام القليل تستمر الطاعة والإقبال على اللّه بخلاف الكثير المشاق‏.‏

- ‏(‏خ د عن عائشة‏)‏‏.‏

6506 - ‏(‏كان أحب الرياحين‏)‏ جمع ريحان نبت طيب الريح أو كل نبت طيب الريح كذا في القاموس وفي المصباح الريحان كل نبت طيب الريح لكن إذا أطلق عند العامة انصرف إلى نبات مخصوص ‏(‏إليه الفاغية‏)‏ نور الحناء وهو من أطيب الرياحين وأحسنها ومر في خبر أنها سيدة الرياحين في الدنيا والآخرة وفي الشعب عن ابن درستويه الفاغية عود الحناء يغرس مقلوباً فيخرج بشيء أطيب من الحناء فيسمى الفاغية قال المصنف‏:‏ وفيه منافع من أوجاع العصب والتمدد والفالج والصداع وأوجاع الجنب والطحال ويمنع السوس من الثياب ودهنه يلين العصب ويحلل الإعياء والنصب ويوافق الخناق وكسر العظام والشوهة وأوجاع الأرحام ويقوي الشعور ويزينها ويكسيها حمرة وطيباً‏.‏

- ‏(‏طب هب‏)‏ من حديث عبد الحميد بن قدامة ‏(‏عن أنس‏)‏ قال ابن القيم‏:‏ اللّه أعلم بحال هذا الحديث فلا نشهد على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بما لا نعلم صحته وقال الذهبي في الضعفاء‏:‏ عبد الحميد بن قدامة عن أنس في الفاغية قال البخاري‏:‏ لا يتابع عليه اهـ‏.‏

6507 - ‏(‏كان أحب الشاة إليه مقدمها‏)‏ لكونه أقرب إلى المرعى وأبعد عن الأذى وأخف على المعدة وأسرع انهضاماً وذا من طلبه الذي لا يدركه إلا أفاضل الأطباء فإنهم شرطوا في جودة الأغذية نفعها وتأثيرها في القوى وخفتها على المعدة وسرعة هضمها‏.‏

- ‏(‏ابن السني وأبو نعيم‏)‏ كلاهما ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي ‏(‏هق‏)‏ كلهم ‏(‏عن مجاهد‏)‏ بن جبير ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

6508 - ‏(‏كان أحب الشراب إليه الحلو البارد‏)‏ الماء العذب كالعيون والآبار الحلوة فإنه كان يستعذب له الماء أو ‏[‏ص 84‏]‏ الممزوج بعسل أو المنقوع في تمر وزبيب قال ابن القيم‏:‏ والأظهر أنه يعمها جميعها ولا يشكل بأن اللبن كان أحب إليه لأن الكلام في شراب هو ماء أو فيه ماء وإذا جمع الماء هذين الوصفين أعني الحلاوة والبرد كان من أعظم أسباب حفظ الصحة ونفع الروح والكبد والقلب وتنفذ الطعام إلى الأعضاء أتم تنفيذ وأعان على الهضم وقال في العارضة‏:‏ كان يشرب الماء البارد ممزوجاً بالعسل فيكون حلواً بارداً وكان يشرب اللبن ويصب عليه الماء حتى يبرد أسفله‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الأشربة عن عائشة وقال‏:‏ الصحيح عن الزهري مرسلاً ‏(‏ك‏)‏ في الأطعمة ‏(‏عن عائشة‏)‏ وتعقبه الذهبي بأنه من رواية عبد اللّه بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام عن أبيه عن عائشة وعبد اللّه هالك فالصحيح إرساله اهـ‏.‏

6509 - ‏(‏كان أحب الشراب إليه اللبن‏)‏ لكثرة منافعه ولكونه لا يقوم مقام الطعام غيره لتركبه من الجبنية والسمنية والمائية وليس شيء من المائعات كذلك لكن ينبغي أن لا يفرط في استعماله لأنه رديء للمحموم والمصروع وإدامته نؤذي الدماغ وتحدث ظلمة البصر والغشى ووجع المفاصل وسدد الكبد ونفخ المعدة ويصلحه العسل ونحوه‏.‏

- ‏(‏أبو نعيم في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي ‏(‏عن ابن عباس‏)‏‏.‏

6510 - ‏(‏كان أحب الشراب إليه العسل‏)‏ أي الممزوج بالماء كما قيده به في رواية أخرى وفيه من حفظ الصحة ما لا يهتدي لمعرفته إلا فضلاء الأطباء فإن شربه ولعقه على الريق يذيب البلغم ويغسل خمل المعدة ويجلو لزوجتها ويدفع فضلاتها ويفتح سددها ويسخنها باعتدال ويفعل ذلك بالكبد والكلى والمثانة وإنما يضر بالعرض لصاحب الصفراء لحدته وحدة الصفراء فربما هيجها ودفع ضرره لهم بالخل قال في العارضة‏:‏ العسل واللبن مشروبان عظيمان سيما لبن الإبل فإنها تأكل من كل الشجر وكذا النحل لا تبقي نوراً إلا أكلت منه فهما مركبان من أشجار مختلفة وأنواع من النبات متباينة فكأنهما شرابان مطبوخان مصعدان لو اجتمع الأولون والآخرون على أن يركبوا شيئين منهما ما أمكن فسبحان جامعهما‏.‏

- ‏(‏ابن السني وأبو نعيم‏)‏ معاً كلاهما ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي ‏(‏عن عائشة‏)‏‏.‏

6511 - ‏(‏كان أحب الشهور إليه أن يصوم شعبان‏)‏ أخذ منه أن أفضل الصوم بعد رمضان شعبان ومر الجمع بينه وبين قوله أفضل الصيام بعد رمضان المحرم‏.‏

- ‏(‏د ن عن عائشة‏)‏ ورواه عنها الحاكم باللفظ المزبور وزاد ثم يصله برمضان وقال‏:‏ على شرطهما وأقره عليه الذهبي‏.‏

6512 - ‏(‏كان أحب الصباغ إليه الخل‏)‏ أي كان أحب الصبوغ إليه ما صبغ بالخل والخل إذا أضيف إليه نحو نحاس صبغ أخضر أو نحو حديد صبغ أسود‏.‏

- ‏(‏أبو نعيم‏)‏ في الطب ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ورواه عنه أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ باللفظ المذكور قال الحافظ العراقي‏:‏ إسناده ضعيف‏.‏

6513 - ‏(‏كان أحب الصبغ إليه الصفرة‏)‏ لعله أراد به الخضاب بدليل أنه كان يخضب بها ومر به من خضب بالصفرة فاستحسنه ويحتمل أنه المراد من الثياب ولا يعارضه النهي عن المصفر والمزعفر لأن ما في هنا في الأصل بخلاف ذلك قال ابن العربي‏:‏ ولم يرد في لباس الأصفر حديث اهـ‏.‏ وهو خطأ وزلل فقد قال الحافظ عبد الحق وغيره‏:‏ ورد في الأصفر أحاديث كثيرة منها ما خرجه البخاري عن أم خالد أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلي قميص ‏[‏ص 85‏]‏ أصفر وفي أبي داود قيل لابن عمر لم تصبغ بالأصفر فقال‏:‏ إن النبي صلى اللّه عليه وسلم لم يكن شيء أحب إليه من الصفرة وقد كان يصبغ بها ثيابه حتى عمامته وأخرج الطبراني عن قيس التميمي قال‏:‏ رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعليه ثوب أصفر ورأيته يسلم على نساء وقال ابن عبد البر‏:‏ لم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصبغ بالصفرة إلا ثيابه‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن أبي أوفى‏)‏ رمز المصنف لصحته وإنه لشيء عجيب فقد قال فيه الهيثمي‏:‏ فيه عبيد بن القاسم وهو كذاب متروك‏.‏

6514 - ‏(‏كان أحب الطعام إليه الثريد من الخبز‏)‏ وهو بفتح المثلثة أن يثرد الخبز أي يفتت ثم يبل بمرق وقد يكون معه لحم لمزيد نفعه وسهولة مساغه وتيسر مناولته وبلوغ الكفاية منه بسرعة اللذة والقوة وقلة المؤونة في المضغ ‏(‏والثريد من الحسيس‏)‏ هو تمر خلط بأقط وسمن والأصل فيه الخلط قال الراجز‏:‏

التمر والسمن جميعاً والأقط * الحيس إلا أنه لم يختلط

- ‏(‏د‏)‏ من رواية رجل من أهل البصرة لم يسم عن عكرمة عن ابن عباس ثم قال أبو داود في بعض رواياته‏:‏ وهو حديث ضعيف ‏(‏ك‏)‏ من رواية عمر بن سعيد عن عكرمة ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ وقال‏:‏ صحيح وأقره الذهبي‏.‏

6515 - ‏(‏كان أحب العراق إليه‏)‏ بضم العين جمع عرق بالسكون وهو أكل اللحم عن العظم تقول عرقت العظم عرقاً أكلت ما عليه من اللحم كذا في المصباح قال في النهاية‏:‏ وهو جمع نادر ‏(‏ذراعي الشاة‏)‏ تثنية ذراع كحمار وهو من الغنم والبقر ما فوق الكراع وذلك لأنها أحسن نضجاً وأسرع استمراء وأعظم ليناً وأبعد عن مواضع الأذى مع زيادة لذتها وعذوبة مذاقها‏.‏

- ‏(‏حم د وابن السني وأبو نعيم‏)‏ كلاهما في الطب النبوي ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ رمز لصحته‏.‏

6516 - ‏(‏كان أحب العمل إليه ما دووم عليه وإن قل‏)‏ لما تقدم من أن المداومة توجب ألفة النفس للعبادة الموجب لإقبال الحق تعالى بمزايا الإكرام ومواهب الإنعام‏.‏

- ‏(‏ت ن عن عائشة وأم سلمة‏)‏ معاً ورواه مسلم من حديث عائشة بلفظ كان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه‏.‏

6517 - ‏(‏كان أحب الفاكهة إليه الرطب والبطيخ‏)‏ بكسر الباء وكان يأكل هذا بهذا دفعاً لضرر كل منهما وإصلاحاً له بالآخر لأن الرطب حار رطب في الثانية يقوي المعدة الباردة ويزيد في الباه لكنه سريع العفن معكر للدم والبطيخ بارد رطب مطف للحرارة الملتهبة وفيه دليل على حل أكل الطيبات وقد أمرت الرسل بأكلها في القرآن ورد على من كره ذلك من السلف وفعل ذلك إن نشأ عن بخل فهو حرام شديد التحريم أو بقصد مخالفة النفس وقمع الشهوة فجائز‏.‏

- ‏(‏عد عن عائشة‏)‏ وفيه عباد بن كثير الثقفي نقل في الميزان تضعيفه عن جمع ثم ساق له هذا الحديث عن عائشة ‏(‏النوقاني في كتاب‏)‏ ما ورد في فضائل ‏(‏البطيخ عن أبي هريرة‏)‏ قال العراقي‏:‏ وكلاهما ضعيف جداً‏.‏

6518 - ‏(‏كان أحب اللحم إليه الكتف‏)‏ لأنها أسلم من الأذى وأبعد عنه وأقوى اللحم وأطيبه وأسرعه نضجاً كالذراع المتصلة بالكتف وفيه رد على المانعين أكل اللحم من فرق الضلال‏.‏

- ‏(‏أبو نعيم‏)‏ في الطب ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ورواه ‏[‏ص 86‏]‏ عنه أيضاً باللفظ المزبور أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ وإسناده ضعيف لكن في الصحيحين عن أبي هريرة ما هو في معناه وهو قوله وضعت بين يدي رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم قصعة من ثريد ولحم فتناول الذراع وكانت أحب الشاة إليه‏.‏

6519 - ‏(‏كان أحب ما استتر به لحاجته‏)‏ أي لقضاء حاجة في نحو الصحراء ‏(‏هدف‏)‏ بفتح الهاء والدال ما ارتفع من أرض أو بناء ‏(‏أو حائش نخل‏)‏ بحاء مهملة وشين معجمة نخل مجتمع ملتف كأنه لالتفافه يحوش بعضه لبعض وفيه ندب الاستتار عند قضاء الحاجة ‏[‏ ولا يشكل على هذا كراهة الحاجة تحت الشجر الذي من شأنه أن يثمر لأن فضلاته صلى الله عليه وسلم كانت طاهرة‏.‏

‏[‏لا يسلم لكلام الحاشية هذا، إذ لا يلزم من نص الحديث ولا من شرح المناوي كون ذلك تحت النخل، بل يلزم عكسه حيث مفهوم الحديث أنه كان يستتر خلف ما ارتفع من أرض، ولا يمكن أن يكون تحتها، وكذلك خلف حائش نخل، لا تحته، فليتنبه، ولا دخل لطهور فضلاته صلى الله عليه وسلم بهذا الموضوع، فليتنبه‏.‏ دار الحديث‏]‏‏.‏‏]‏

والأكمل أن يغيب الشخص عن الناس قال النووي‏:‏ وهذه سنة متأكدة‏.‏

- ‏(‏حم م د ه عن عبد اللّه بن جعفر‏)‏ قال‏:‏ أردفني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خلفه وقال إلى آخره‏.‏

6520 - ‏(‏كان أخف‏)‏ لفظ رواية مسلم من أخف ‏(‏الناس صلاة‏)‏ إذا صلى إماماً لا منفرداً كما صرح به الحديث الآتي عقبه ‏(‏في تمام‏)‏ للأركان قيد به دفعاً لتوهم من يفهم أنه ينقص منها حيث عبر بأحق قال ابن تيمية‏:‏ فالتخفيف الذي كان يفعله هو تخفيف القيام والقعود وإن كان يتم الركوع والسجود ويطيلهما فلذلك صارت صلاته قريباً من السواء وقال بعضهم‏:‏ محمول على بعض الأحوال وإلا فقد ثبت عنه التطويل أيضاً جداً أحياناً‏.‏

- ‏(‏م ت عن أنس‏)‏ بن مالك وفي رواية لمسلم أيضاً كان يوجز في الصلاة ويتم وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه فقد قال الزين العراقي في المغني‏:‏ إنه متفق عليه‏.‏

6521 - ‏(‏كان أخف الناس صلاة على الناس‏)‏ يعني المقتدين به ‏(‏وأطول الناس صلاة لنفسه‏)‏ ما لم يعرض ما يقتضي التحقيق كما فعل في قصة بكاء الصبي ونحوه وفيه كالذي قبله أنه يندب للإمام التخفيف من غير ترك شيء من الأبعاض والهيئات لكن لا بأس بالتطويل برضاهم إن انحصروا كما استفيد من حديث آخر‏.‏

- ‏(‏حم ع‏)‏ من حديث نافع بن سرجس ‏(‏عن أبي واقد‏)‏ بقاف ومهملة الليثي بمثلثة بعد التحتية واسمه الحارث بن مالك المديني شهد بدراً قال في المهذب‏:‏ إسناده جيد ونافع هذا قال أحمد‏:‏ لا أعلم إلا خيراً اهـ‏.‏

6522 - ‏(‏كان إذا أتى مريضاً أو أتي به‏)‏ شك من الراوي ‏(‏قال‏)‏ في دعائه له ‏(‏أذهب الباس‏)‏ بغير همز للمؤاخاة وأصله الهمز أي الشدة والعذاب ‏(‏رب الناس‏)‏ بحذف حرف النداء اشفه بهاء السكت أو الضمير للعليل ‏(‏وأنت‏)‏ وفي رواية بحذف الواو ‏(‏الشافي‏)‏ أخذ منه جواز تسميته تعالى بما ليس في القرآن بشرط أن لا يوهم نقصاً وأن يكون له أصل في القرآن وهذا منه فإن فيه ‏{‏وإذا مرضت فهو يشفين‏}‏ ‏(‏لا شفاء‏)‏ بالمد مبني على الفتح والخبر محذوف تقديره لنا أوله ‏(‏إلا شفاؤك‏)‏ بالرفع على أنه بدل من محل لا شفاء‏.‏ قال الطيبي‏:‏ خرج مخرج الحصر تأكيداً لقوله أنت الشافي لأن خبر المبتدأ إذا عرف باللام أفاد الحصر لأن تدبير الطبيب ونفع الدواء لا ينجع إلا بتقدير اللّه ‏(‏شفاء‏)‏ مصدر منصوب بقوله اشف ‏(‏لا يغادر‏)‏ بغين معجمة يترك ‏(‏سقماً‏)‏ بضم فسكون وبفتحتين وفائدة التقييد به أنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض ‏[‏ص 87‏]‏ فيخلفه مرض آخر وكان يدعو له بالشفاء المطلق لا بمطلق الشفاء وقال الطيبي‏:‏ قوله شفاء إلى آخره تكميل لقوله اشف وتنكير سقماً للتقليل واستشكل الدعاء بالشفاء مع ما في المرض من كفارة وأجور وأجيب بأن الدعاء عبادة وهو لا ينافيهما ‏[‏ لأنهما يخصان بأول المرض وبالصبر عليه والداعي بين حسنيين إما أن يحصل له مقصوده أو يعرض عنه بجلب نفع أو دفع ضر وكل ذلك من فضل اللّه تعالى‏.‏‏]‏

قال ابن القيم‏:‏ وفي هذه الرقية توسل إلى اللّه بكمال ربوبيته ورحمته وأنه وحده الشافي‏.‏

- ‏(‏ق ه‏)‏ وكذا النسائي أربعتهم في الطب كلهم ‏(‏عن عائشة‏)‏‏.‏

6523 - ‏(‏كان إذا أتى باب قوم‏)‏ بنحو عيادة أو زيارة أو غير ذلك من المصالح ‏(‏لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه‏)‏ كراهة أن يقع النظر على ما لا يراد كشفه مما هو داخل البيت ‏(‏ولكن‏)‏ يستقبله ‏(‏من ركنه الأيمن أو الأيسر فيقول السلام عليكم‏)‏ وذلك لأن الدور يومئذ لم تكن لها ستور والظاهر أن تكرير السلام إنما هو لمن عن يمينه مرة ومن عن يساره مرة‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ في الأدب ‏(‏عن عبد اللّه بن بسر‏)‏ بضم الموحدة وسين مهملة ساكنة رمز المصنف لحسنه وفيه كما قال ابن القطان‏:‏ بقية وحاله معروف ومحمد بن عبد الرحمن بن عدّة ذكره أبو حاتم ولم يذكر له حالاً قال ابن القطان‏:‏ فهو عنده مجهول‏.‏

6524 - ‏(‏كان إذا أتاه الفيء‏)‏ بالهمز ولا يجوز الإبدال والإدغام كما في المصباح وهو الخراج والغنيمة وأما تخصيصه بما حصل من كفار بلا قتال وإيجاف فعرف الفقهاء ‏(‏قسمه‏)‏ بين مستحقيه ‏(‏في يومه‏)‏ أي في اليوم الذي يصل إليه فيه ‏(‏فأعطى الآهل‏)‏ بالمد الذي له أهل أي زوجة اسم فاعل من أهل يأهل بكسر العين وضمها أهو لا إذا تزوج حظين بفتح الحاء بضبط المصنف لأنه أكثر حاجة فيعطى نصيباً له ونصيباً لزوجته أو زوجاته ‏(‏وأعطى العزب‏)‏ الذي لا زوجة له ‏(‏حظاً‏)‏ واحداً لما ذكر وفيه طلب مبادرة الإمام للقسمة ليصل الحق لمستحقه فينتفع به فوراً ولا يجوز التأخير إلا لعذر وقوله العزب هكذا هو في عدة نسخ والذي في المصابيح الأعزب قال القاضي‏:‏ وهو أفعل من العزوبة هكذا هو وما رأيته مستعملاً بهذا المعنى إلا في هذا الحديث وإنما المستعمل له العزب‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الخراج وسكت عليه ‏(‏ك‏)‏ كلاهما ‏(‏عن عوف بن مالك‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ وأما خبر كان يعطي العطاء مقدار العيلة فلم أر له أصلاً‏.‏

6525 - ‏(‏كان إذا أتاه رجل فرأى في وجهه بشراً‏)‏ بكسر الباء وسكون الشين طلاقة وجه وأمارة سرور ‏(‏أخذ بيده‏)‏ إيناساً له واستعطافاً ليعرف ما عنده مما يسره من نصرة الدين وقيام شعار الإسلام وتأييد المؤمنين قال ابن العربي‏:‏ الأخذ باليد نوع من التودد والمعروف كالمصافحة‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن عكرمة مرسلاً‏)‏ وهو مولى ابن عباس‏.‏

6526 - ‏(‏كان إذا أتاه الرجل‏)‏ يعني الإنسان فقد وقع له تغيير أسماء عدة نساء ‏(‏وله اسم لا يحبه‏)‏ لكراهة لفظه أو معناه عقلاً أو شرعاً ‏(‏حوَّله‏)‏ بالتشديد أي نقله إلى ما يحبه لأنه كان يحب الفأل الحسن وكان شديد الاعتناء بالعدول عن اسم تستقبحه العقول وتنفر منه النفوس وكذا ما فيه تزكية النفس وفي أبي داود لا تزكوا أنفسكم هو اللّه أعلم بأهل ‏[‏ص 88‏]‏ البر منكم‏.‏

- ‏(‏ابن منده‏)‏ الحافظ المشهور ‏(‏عن أبي‏)‏ الوليد ‏(‏عتبة‏)‏ بضم المهملة ومثناة فوقية ساكنة وموحدة ‏(‏ابن عبد‏)‏ السلمي صحابي شهد أول مشاهده قريظة عمره مئة سنة وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد لأشهر من ابن منده ولا أحق بالعزو منه وهو عجب فقد رواه الطبراني باللفظ المزبور عن عتبة المذكور قال الهيثمي‏:‏ ورجاله ثقات‏.‏

6527 - ‏(‏كان إذا أتاه قوم بصدقتهم‏)‏ أي بزكاة أموالهم ‏(‏قال‏)‏ امتثالاً لقول ربه له ‏{‏وصل عليهم‏}‏ ‏(‏اللّهم صل على آل فلان‏)‏ كناية عمن ينسبون إليه أي زكى أموالهم التي بذلوا زكاتها واجعلها لهم طهوراً واخلف عليهم ما أخرجوه منها واعطف عليهم بالرحمة واغفر لهم إنك أنت الغفور الرحيم وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام إذ يكره تنزيهاً إفراد الصلاة على غير نبي أو ملك لأنه صار شعاراً لهم إذا ذكروا فلا يقال لغيرهم وإن كان معناه صحيحاً‏.‏

- ‏(‏حم ق د ن ه‏)‏ كلهم في الزكاة ‏(‏عن‏)‏ عبد اللّه ‏(‏ابن أبي أوفى‏)‏ علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي‏.‏

6528 - ‏(‏كان إذا أتاه الأمر‏)‏ الذي ‏(‏يسره‏)‏ وفي رواية أتاه الشيء يسره ‏(‏قال الحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا أتاه الأمر الذي يكرهه قال الحمد للّه على كل حال‏)‏ قال الحليمي‏:‏ هذا على حسن الظن باللّه تعالى وأنه لم يأت بالمكروه إلا لخير علمه لعبده فيه وأراده به فكأنه قال اللّهم لك الخلق والأمر تفعل ما تريد وأنت على كل شيء قدير‏.‏

- ‏(‏ابن السني في عمل يوم وليلة ك‏)‏ في كتاب الدعاء عن زهير بن محمد عن منصور بن صفية عن أمه ‏(‏عن عائشة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح فاعترضه الذهبي بأن زهير له مناكير وقال ابن معين‏:‏ ضعيف فأنى له بالصحة‏.‏

6529 - ‏(‏كان إذا أتي بطعام‏)‏ زاد أحمد في روايته من غير أهله ‏(‏سأل عنه‏)‏ عمن أتى به ‏(‏أهدية‏)‏ بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هذا وبالنصب بتقدير أجئتم به هدية ‏(‏أم‏)‏ جئتم به ‏(‏صدقة فإن قيل‏)‏ هو صدقة أو جئنا به صدقة ‏(‏قال لأصحابه‏)‏ أي من حضر منهم ‏(‏كلوا ولم يأكل‏)‏ هو منه لأنها حرام عليه ‏(‏وإذا قيل هدية‏)‏ بالرفع ‏(‏ضرب بيده‏)‏ أي مدّ يديه وشرع في الأكل مسرعاً ‏(‏فأكل معهم‏)‏ من غير تحام عنه تشبيهاً للمد بالذهاب سريعاً في الأرض فعداه بالباء قال البيضاوي‏:‏ وذلك لأن الصدقة منحة لثواب الآخرة والهدية تمليك للغير إكراماً ففي الصدقة نوع ذل للأخذ فلذا حرمت عليه بخلاف الهدية‏.‏

- ‏(‏ق ن‏)‏ في الزكاة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

6530 - ‏(‏كان إذا أتي بالسبي‏)‏ النهب وأخذ الناس عبيداً وإماء ‏(‏أعطى أهل البيت جميعاً‏)‏ أي الآباء والأمهات والأولاد والأقارب ‏(‏كراهة أن يفرق بينهم‏)‏ لما جبل عليه من الرأفة والرحمة فاستفدنا من فعله أن يسن للإمام أن يجمع شملهم ولا يفرقهم لأنه أدعى إلى إسلامهم وأقرب إلى الرحمة والإحسان بهم‏.‏

- ‏(‏حم د عن ابن مسعود‏)‏ رمز المصنف لصحته‏.‏

6531 - ‏(‏كان إذا أتي بلبن قال بركة‏)‏ أي هو بركة يعني شربه زيادة في الخير وكان تارة يشربه خالصاً وتارة مشوباً بماء بارد لأنه عنده الحلب حار وتلك البلاد حارة تنكسر حدة حره ببرد الماء‏.‏

- ‏(‏ه عن عائشة‏)‏‏.‏

‏[‏ص 89‏]‏ 6532 - ‏(‏كان إذا أتي بطعام أكل مما يليه‏)‏ تعليماً لأمته آداب الأكل فإن الأكل مما يلي الغير مكروه لما فيه من مزيد الشره والنهمة وإلحاق الأذى بمن أكل معه وسببه أن كل آكل كالحائز لما يليه من الطعام فأخذ الغير له تعد عليه مع ما فيه من تقذر النفوس مما خاضت فيه الأيدي ثم هو سوء أدب من غير فائدة إذا كان الطعام لوناً واحداً أما إذا اختلفت أنواعه فيرخص فيه كما أشار إليه بقوله ‏(‏وإذا أتي بالتمر جالت‏)‏ بالجيم ‏(‏يده فيه‏)‏ أي دارت في جهاته وجوانبه فتناول منه ما أحب من جال الفرس في الميدان يجول جولاً وجولاناً قطع جوانبه والجول الناحية وجال في البلاد طاف فيها غير مستقر وذلك لفقد العلة المذكورة فيما قبله ومنه أخذ الغزالي أن محل ندب الأكل مما يليه ما إذا كان الطعام لوناً واحداً وما إذا كان غير فاكهة أما هي فله أن يجيل يده فيها لأنها في معنى التمر قال ابن العربي‏:‏ إذا كان الطعام صنفاً واحداً لم يكن للجولان فيه معنى إلا الشره والمجاعة وإذا كان ذا ألوان كان جولانها له معنى وهو اختيار ما استطاب منه اهـ‏.‏ وقضيته ما مر أنه لا يكره الأكل من غير ما يليه إذا أكل وحده لكن صرح بعض الشافعية بالكراهة‏.‏

- ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة عبيد بن القاسم ‏(‏عن عائشة‏)‏ وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسكت عليه وهو تلبيس فاحش فقد تعقبه بما نصه‏:‏ قال أبو علي هذا كذاب وعبيد بن أخت سفيان كان يضع الحديث وله أحاديث مناكير اهـ كلامه‏.‏

6533 - ‏(‏كان إذا أتي بباكورة التمرة‏)‏ أي أول ما يدرك من الفاكهة قال أبو حاتم‏:‏ الباكورة هي أول كل فاكهة ما عجل الإخراج وابتكرت الفاكهة أكلت باكورتها ونخلة باكورة وباكور وبكور أثمرت قبل غيرها ‏(‏وضعها على عينيه ثم على شفتيه وقال‏)‏ في دعائه ‏(‏اللّهم كما أريتنا أوله فأرنا آخره‏)‏ كان القياس أولها وآخرها لكنه ذكره على إرادة النوع ‏(‏ثم يعطيه من يكون عنده من الصبيان‏)‏ خص الصبي بالإعطاء لكونه أرغب فيه ولكثرة تطلعه إلى ذلك ولما بينهما من المناسبة في حداثة الانفصال عن الغيب وذا أقرب من قول الطيبي في وجه المناسبة الصبي ثمرة الفؤاد وباكورة الإنسان‏.‏

- ‏(‏ابن السني عن أبي هريرة طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني في الكبير والصغير ورجال الصغير رجال الصحيح اهـ‏.‏ وكلامه كالصريح في أن سند الكبير مدخول فعزو المؤلف الحديث إلى الطريق الضعيفة وضربه صفحاً عن الطريق الصحيحة من سوء التصرف ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي في النوادر كلهم ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

6534 - ‏(‏كان إذا أتي بمدهن الطيب لعق منه‏)‏ أولاً ‏(‏ثم ادهن‏)‏ قال في المصباح‏:‏ المدهن بضم الميم والهاء ما يجعل فيه الدهن والمدهنة تأنيث المدهن قال‏:‏ وهو من النوادر التي جاءت بالضم وقياسه الكسر والدهن بالضم ما يدهن به من زيت أو غيره لكن المراد هنا الدهن المطيب‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخ دمشق ‏(‏عن سالم بن عبد اللّه بن عمر‏)‏ بن الخطاب أحد فقهاء التابعين ‏(‏والقاسم‏)‏ بن محمد الفقيه المشهور ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

6535 - ‏(‏كان إذا أتي بامرئ قد شهد بدراً‏)‏ أي غزوة بدر الكبرى التي أعز اللّه بها الإسلام ‏(‏والشجرة‏)‏ أي والمبايعة ‏[‏ص 90‏]‏ التي كانت تحت الشجرة والمراد جاؤوا به ميتاً للصلاة عليه ‏(‏كبر عليه تسعاً‏)‏ أي افتتح الصلاة عليه بتسع تكبيرات لأن لمن شهد هاتين القضيتين فضلاً على غيره في كل شيء حتى في تكبيرات الجنائز ‏(‏وإذا أتي به قد شهد بدراً ولم يشهد الشجرة أو شهد الشجرة ولم يشهد بدراً كبر عليه سبعاً‏)‏ من التكبيرات إشارة إلى شرف الأول وفضله عليه ‏(‏وإذا أتي به لم يشهد بدراً ولا الشجرة كبر عليه أربعاً‏)‏ من التكبيرات إشارة إلى أنه دونهما في الفضل قالوا‏:‏ وذا منسوخ بخبر الحبر أن آخر جنازة صلى عليها النبي صلى اللّه عليه وسلم كبر أربعاً قالوا‏:‏ وهذا آخر الأمرين وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعله وقد مر خبر ‏"‏إن الملائكة لما صلت على آدم كبرت عليه أربعاً وقالوا تلك سنتكم يا بني آدم‏"‏ وقال أبو عمرو‏:‏ انعقد الإجماع على أربع ولم نعلم من فقهاء الأمصار من قال بخمس إلا ابن أبي ليلى وقال النووي في المجموع‏:‏ كان بين الصحابة خلاف ثم انقرض وأجمعوا على أنه أربع لكن لو كبر الإمام خمساً لم تبطل صلاته‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه وفيه محمد بن عمر المحرم قال في الميزان‏:‏ قال أبو حاتم‏:‏ واه وقال ابن معين‏:‏ ليس بشيء ثم أورد له هذا الخبر‏.‏

6536 - ‏(‏كان إذا اجتلى النساء‏)‏ أي كشف عنهن لإرادة جماعهن يقال جلوت واجتليت السيف ونحوه كشفت صداه وجلي الخبر للناس جلاء بالفتح والمد وضح وانكشف وجلوت العروس واجتليتها مثله ‏(‏أقعى‏)‏ أي قعد على ألييه مفضياً بهما إلى الأرض ناصباً فخذيه كما يقعى الأسد ‏(‏وقبل‏)‏ المرأة التي قعد لها يريد جماعها وأخذوا منه أنه يسن مؤكداً تقديم المداعبة والتقبيل ومص اللسان على الجماع وكرهوا خلافه وقد جاء في خبر رواه الديلمي عن أنس مرفوعاً ‏"‏ثلاثة من الجفاء أن يؤاخي الرجل الرجل فلا يعرف له اسماً ولا كنية وأن يهيئ الرجل لأخيه طعاماً فلا يجيبه وأن يكون بين الرجل وأهله وقاعاً من غير أن يرسل رسوله المزاح والقبل لا يقع أحدكم على أهله مثل البهيمة على البهيمة‏"‏ وروى الخطيب عن أم سلمة أنه كان يغطي رأسه ويخفض صوته ويقول للمرأة عليك بالسكينة‏.‏

- ‏(‏ابن سعد‏)‏ في الطبقات ‏(‏عن أبي أسيد الساعدي‏)‏ بكسر العين المهملة‏.‏

6537 - ‏(‏كان إذا حلف واجتهد في اليمين قال‏:‏ لا والذي نفس أبو القاسم بيده‏)‏ أي ذاته وجملته ‏(‏بيده‏)‏ أي بقدرته وتدبيره قال الطيبي‏:‏ وهذا في علم البيان من أسلوب التجريد لأنه جرد من نفسه من يسمى أبا القاسم وهو هو وأصل الكلام الذي نفسي ثم التفت من التكلم إلى الغيبة‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي سعيد‏)‏ الخدري رمز لصحته وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجاً لأحد من الستة والأمر بخلافه بل رواه أبو داود في الإيمان وابن ماجه في الكفارة وله ألفاظ‏.‏

6538 - ‏(‏كان إذا أخذ مضجعه‏)‏ بفتح الميم والجيم أي أراد النوم في مضجعه أي استقر فيه لينام والمضجع موضع الضجوع ‏(‏جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن‏)‏ كما يوضع الميت في اللحد وقال الذكر المشهور فختم به كلامه فيندب ذلك لكل من أراد النوم ليلاً أو نهاراً وعلم من هذا كونه على شقه الأيمن والنوم عليه أسرع إلى الانتباه لعدم استقرار القلب حالتئذ فإنه بالجانب الأيسر فيتعلق ولا يستغرق في النوم بخلاف النوم على الأيسر لأن القلب لاستراحته يستغرق فيبطئ الانتباه والنوم عليه وإن كان أهنأ لكن إكثاره يضر القلب لميل الأعضاء إليه فتنصب المواد فيه‏.‏

- ‏(‏طب عن حفصة‏)‏ ‏[‏ص 91‏]‏ بنت عمر بن الخطاب رمز المصنف لصحته وظاهر صنيعه أن هذا ليس في الكتب الستة ولا كذلك فقد خرجه الترمذي عن البراء بزيادة وقال رب قني عذابك يوم تبعث عبادك‏.‏

6539 - ‏(‏كان إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده‏)‏ ليس فيه ذكر اليمنى وهو مبين في الرواية قبلها ‏(‏ثم يقول باسمك اللّهم‏)‏ أي بذكر اسمك ‏(‏أحيا‏)‏ ما حييت ‏(‏وباسمك أموت‏)‏ أي وعليه أموت وباسمك المميت أموت وباسمك المحيي أحيا لأن معاني الأسماء الحسنى ثابتة له سبحانه وكل ما ظهر في الوجود فصادر عن تلك المقتضيات أو لا أنفك عن اسمك في حياتي ومماتي وهو إشارة إلى مقام التوحيد وقيل الاسم مفخم من قبيل سبح اسم ربك يعني أنت تحييني وتميتني أراد به النوم واليقظة فنبه على إثبات البعث بعد الموت ‏(‏وإذا استيقظ‏)‏ أي انتبه من نومه ‏(‏قال الحمد للّه الذي أحيانا بعد ما أماتنا‏)‏ أي أيقظنا بعد ما أنامنا أطلق الموت على النوم لأنه يزول معه العقل والحركة ومن ثم قالوا‏:‏ النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وقالوا‏:‏ النوم أخو الموت كذا قرره بعض المتأخرين وهو استمداد من بعض قول المتقدمين ‏(‏قوله أحيانا بعدما أماتنا‏)‏ أي رد أنفسنا بعد قبضها عن التصرف بالنوم يعني الحمد للّه شكراً لنيل نعمة التصرف في الطاعات بالانتباه من النوم الذي هو أخو الموت وزوال المانع عن التقرب بالعبادات ‏(‏وإليه النشور‏)‏ الإحياء للبعث أو المرجع في نيل الثواب مما نكسب في حياتنا هذه وفيه إشارة بإعادة اليقظة بعد النوم إلى البعث بعد الموت وحكمة الدعاء عند النوم أن يكون خاتمة عمله العبادة فالدعاء هو العبادة ‏{‏وقال ربكم ادعوني أستجب لكم‏}‏ وحكمة الدعاء عند الانتباه أن يكون أول ما يستيقظ يعبد اللّه بدعائه وذكره وتوحيده‏.‏